الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.ولاية أحمد بن كيغلغ. ولاه المقتدر بعد هلال بن بدر فقدم في جمادي وصرف لخمسة أشهر من ولايته وأعيد تكين المرة الثالثة فقدم في عاشوراء سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وأقام واليا عليها تسع سنين إلى أن توفي في منتصف ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة وفي أيامه جدد المقتدر عهده لابنه أبي العباس على بلاد المغرب ومصر والشام واستخلف له مؤنسا وذلك سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وقال ابن الأثير: وفي سنة إحدى وعشرين توفي تكين الخزري بمصر فولي عليها مكانه ابنه محمد وبعث له القاهر بالخلع وثار به الجند فظفر بهم انتهى..ولاية أحمد بن كيغلغ الثانية. ولاه القاهر في شوال سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة بعد أن كان ولى محمد بن طغج وهو عامل دمشق وصرفه لشهر من ولايته قبل أن يتسلم العمل ورده إلى أحمد بن كيغلغ كما قلناه فقدم مصرفي رجب سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ثم عزل آخر رمضان من سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وولي الراضي الخليفة بأن يدعى على المنبر باسمه ويزاد في القابه الأخشيد فقام بولاية مصر أحسن قيام ثم انتزع الشام من يده كما يذكر..استيلاء ابن رائق على الشام من يد الأخشيد. كان محمد بن رائق أمير الأمراء ببغداد وقد مر ذكره ثم نازعه مولاه تحكم وولي مكانه سنة ست وعشرين وثلاثمائة وهرب ابن رائق ثم استتر ببغداد واستولى عليها ورجع الخليفة من تكريت بعد أن كان قدم تحكم ثم كتب إليه واسترده وقد عقد الصلح مع ناصر الدولة بن حمدان من قبل أن يسمع بخبر بن رائق ثم عادوا جميعا إلى بغداد وراسلهم ابن رائق مع أبي جعفر محمد بن يحيى بن شرزاد في الصلح فأجيب وقلده الراضي طريق الفرات وديار مضر التي هي حران والرها وما جاورها وجند قنسرين والعواصم فسار إليها واستقر بها ثم طمحت نفسه سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة إلى ملك الشام فسار إلى مدينة حمص فملكها وكان على دمشق بدر بن عبد الله مولى الأخشيد ويلقب بتدبير فملكها ابن رائق من يده وسار إلى الرملة يريد مصر وبرز الأخشيد من مصر فالتقوا بالعريش وأكمن له الأخشيد ثم التقيا فانهزم الأخشيد أولا وملك أصحاب ابن رائق سواده ونزلوا في خيامهم ثم خرج عليهم كمين الأخشيد فانهزموا ونجا ابن رائق إلى دمشق في فل من أصحابه فبعث إليه الأخشيد أخاه أبا نصر بن طغج في العسكر فبرز إليهم ابن رائق وهزمهم وقتل أبو نصر في المعركة فبعث ابن رائق شلوه إلى مصر مع ابنه مزاحم بن محمد بن رائق وكتب إليه بالعزاء والاعتذار وأن مزاحما في فدائه فخلع عليه ورده إلى أبيه وتم الصلح بينهما على أن تكون الشام لابن رائق ومصر للأخشيد والتخم بينهما للرملة وحمل الأخشيد عنها مائة وأربعين ألفا كل سنة وخرج الشام عن حكم الأخشيد وبقي في عمالة ابن رائق إلى أن قتل تحكم والبريدي وعاد ابن رائق من الشام إلى بغداد فاستدعاه المتقي وصار أمير الأمراء بها فاستخلف على الشام أبا الحسن علي بن أحمد بن مقاتل ولما وصل إلى بغداد قاتله كورتكين القائم بالدولة فظفر به وحبسه وقاتل عامة أصحابه من الديلم وزحف إليهم البريدي من واسط سنة ثلاثين وثلاثمائة فانهزم المتقي وابن رائق وسار إلى الموصل وكان المتقي قد استنجد ناصر الدولة بن حمدان فبعث إليه أخاه سيف الدولة ولقيه المتقي بتكريت ورجع معه إلى الموصل وقتل ناصر الدولة بن حمدان محمد بن رائق وولي إمارة الأمراء للمتقي فلما سمع الأخشيد بمقتل ابن رائق سار إلى دمشق ثم استولى يوسف بعد ذلك عليها سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وولى ناصر الدولة بن حمدان في ربيع سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة على أعمال ابن رائق كلها وهي طريق الفرات وديار مضر وجند قنسرين والعواصم وحمص أبا بكر محمد بن علي بن مقاتل وأنفذه إليها من الموصل في جماعة من القواد ثم ولى بعده في رجب ابن عمه أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان على تلك الأعمال وامتنع أهل الكوفة من طاعته فظفر بهم وملكها وسار إلى حلب وكان المتقي قد سار إلى الموصل سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة مغاضبا الأمراء توزون فأقام بالموصل عند بني حمدان ثم سار إلى الرقة فأقام بها وكتب إلى الأخشيد يشكو إليه ويستقدمه فأتاه من مصر ومر بحلب فخرج عنها الحسين بن سعيد بن حمدان وتخلف عنه أبو بكر بن مقاتل للقاء الأخشيد فأكرمه واستعمله على خراج مصر وولى على حلب يانس المؤنسي وسار الأخشيد من حلب إلى الرقة في محرم سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وأهدى له ولوزيره الحسين بن مقلة وحاشيته وأشار عليه بالمسير إلى مصر والشام ليقوم بخدمته فأبى فخوفه من تورون وأن يلزم الرقة وكان قد أنفذ رسله إلى تورون في الصلح وجاؤه بالاجابة فلم يعرج على شيء من إشارته وسار إلى بغداد وانصرف الأخشيد إلى مصر وكان سيف الدولة بالرقة معهم فسار إلى حلب وملكها ثم سار إلى حمص وبعث الأخشيد عساكره إليها مع كافور مولاه فلقيهم سيف الدولة إلى قنسرين والتقيا هنالك وتحاربا ثم افترقا على منعة وعاد الأخشيد إلى دمشق وسيف الدولة إلى حلب وذلك سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وسارت الروم إلى حلب وقاتلهم سيف الدولة فظفر بهم.
|